البرنس المشرف العام
المساهمات : 81 تاريخ التسجيل : 29/01/2008
| موضوع: القول في حمد الله وشكره والاستعانة به الإثنين أبريل 28, 2008 9:41 am | |
| أي (و) أثني بحمده فأقول (الحمد لله) كما أثنى به على نفسه في كتابه فقال:{الحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِين} وأمر بذلك عباده فقال تعالى مخاطبا لنبيه خطابا يدخل فيه جميع أمته{قُلِ الحَمْدُ لله}(النمل/59) فله الحمد كالذي يقول وخيرا مما نقول سبحانه لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه, فله الحمد على أسمائه الحسنى وصفاته العلى وله الحمد على نعمه الظاهرة والباطنة, وله الحمد في الأولى والآخرة. وعن الأسود بن سريع رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله, ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي تبارك وتعالى. فقال: ((أما إن ربك يحب الحمد)) رواه أحمد والنسائي , وعن الحكم بن عمير رضي الله عنه وكانت له صحبة قال: قال رسول الله: ((إذا قلت الحمد لله فقد شكرت الله فزادك)) رواه ابن جرير. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله, وأفضل الدعاء الحمد لله)) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وقال الترمذي حسن غريب. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ((ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطى – يعني من هدايته للحمد أفضل مما أخذ)) رواه ابن ماجه, وللقرطبي عنه عن النبي قال: ((لو أن الدنيا بحذافيرها في يد رجل ثم قال الحمد لله لكان الحمد لله أفضل من ذلك)) قال القرطبي وغيره: أي لكان إلهامه الحمد لله أكثر نعمة عليه من نعم الدنيا. لأن ثواب الحمد لا يفنى ونعيم الدنيا لا يبقى قال تعالى: {المَالُ وَالبَنُونُ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلا} (الكهف/46) وقال علي رضي الله عنه: الحمد لله كلمة أحبها الله تعالى لنفسه ورضيها لنفسه وأحب أن تقال . وقال ابن عباس رضي الله عنهما: الحمد لله كلمة الشكر, وإذا قال العبد الحمد لله قال شكرني عبدي . وقال رضي الله عنه: الحمد لله كلمة كل شاكر . وقال رضي الله عنه: الحمد لله هو الشكر لله, هو استخذاء له والإقرار له بنعمته وهدايته وابتدائه وغير ذلك . وقال الضحاك: الحمد لله رداء الرحمن , وقال كعب الأحبار: الحمد لله ثناء الله . وفي معنى الحمد لله وفضلها آثار غير ما ذكرنا لا تحصى. ولما كان من أكبر نعم الله علينا, وأجل مننه الواصلة إلينا, هدايته إيانا إلى صراطه المستقيم, الذي هو دين الإسلام الذي أرسل به رسله وأنزل به كتبه ولا يقبل من أحد غيره, ناسب الثناء عليه بها فقلت (كما هدانا) أي على ما هدانا إرشادا ودلالة بكتبه ورسله, وتوفيقا وتسديدا بمشيئته وقدره (إلى سبيل الحق) وهو دين الإسلام والإيمان (واجتبانا) له, وبذلك قال تعالى ممتنا علينا وله الحمد والمنة: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِين}(البقرة/198) وقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ الله عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِمُهُمْ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِين}(آل عمران/164) وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الذِّينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون, وَجَاهِدُوا فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلََّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلِمِين مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِير}(الحج/77-78) ولما كان الحمد الخبري أبلغ من الإنشائي لدلالته على الثبوت والاستمرار قدمته عليه أولا ثم عطفت عليه الإنشائي جمعا بينهما فقلت: | |
|
البرنس المشرف العام
المساهمات : 81 تاريخ التسجيل : 29/01/2008
| موضوع: القول في حمد الله وشكره والاستعانة به الإثنين أبريل 28, 2008 9:44 am | |
| (أحمده) أي أنشئ له حفضله, فله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه (سبحانه) أي تنزيها له عما لا يليق بنعوت جلاله وصفات كماله, وهذه العبارة تتضمن معنى قوله في الحديث المتمداً آخر متجدداً على توالي نعمه وتواتر فق عليه((كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)) (وأشكره) على ما أنعم وألهم امتثالا لقوله عز وجل: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُون}(البقرة/152) واختلف العلماء في معنى الحمد والشكر هل هما مترادفان أو لا, فذهب إلى ترادفهما ابن جرير الطبري صاحب التفسير وجعفر الصادق وغيرهما, وذهب جماعة من المتأخرين إلى التفرقة بينهما, وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: الحمد يتضمن الحمد والثناء على المحمود بذكر محاسنه, سواء كان الإحسان إلى الحامد أو لم يكن, والشكر لا يكون إلا على إحسان المشكور إلى الشاكر. فمن هذا الوجه الحمد أعم من الشكر لأنه يكون على المحاسن والإحسان, فإن الله تعالى يحمد على ما له من الأسماء الحسنى والمثل الأعلى, وما خلقه في الآخرة و الأولى, ولهذا قال تعالى: {وَقُلِ الحَمْدُ لله الذِّي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّل}(الإسراء/111) وقال تعالى: {الحَمْدُ لله الذِّي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور}(الأنعام/1) وقال تعالى: {الحَمْدُ لله الذِّي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الحَمْدُ فِي الآخِرَة}(سبأ/1) وقال تعالى: {الحَمْدُ لله فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ المَلائِكَةِ أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الخَلْقِ مَا يَشَاء}(فاطر/1). وأما الشكر فلا يكون إلا على الإنعام, فهو أخص من الحمد من هذا الوجه, لكنه يكون بالقلب واليد واللسان كما قيل:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا
ولهذا قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُور}(سبأ/13) والحمد يكون بالقلب واللسان, فمن هذا الوجه الشكر أعم من جهة أنواعه, والحمد أعم من جهة أسبابه. وفي الحديث: ((الحمد لله رأس الشكر)) فمن لم يحمد الله لم يشكره, وفي الصحيح عن النبي أنه قال: ((إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها, ويشرب الشربة فيحمده عليها)) والله أعلم. انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
(ومن مساوئ) جمع مساءة (عملي) مضاف إليه من إضافة الصفة إلى الموصوف. (استغفره) السين للطلب أي أطلب منه مغفرة تلك المساوئ ما تقدم منها وما تأخر إنه أهل التقوى وأهل المغفرة. | |
|
البرنس المشرف العام
المساهمات : 81 تاريخ التسجيل : 29/01/2008
| موضوع: رد: القول في حمد الله وشكره والاستعانة به الإثنين أبريل 28, 2008 9:47 am | |
| (وأستعينه) أطلب منه العون (على نيل الرضا) أي على فعل الأعمال الصالحة التي بسببها ينال رضاه أن يرزقنيها وينيلني رضاه بفضله ورحمته. (وأستمد) أي أطلب منه الإمداد بأن يرزقني (لطفه) بي (فيما قضى) وقدر من المصائب, وأن يجعلني راضيا بذلك مؤمنا به مستيقنا أنه من عند الله وأن وقوعه خير من عندي من كونه لم يقع, وأن يهدي قلبي كما قال: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلا بِإِذْنِ الله وَمَنْ يُؤْمِنْ بِالله يَهْدِ قَلْبَهُ وَالله بِكُلِّ شيء عَلِيم} (التغابن/11) وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((وأسألك الرضا بعد القضاء)) الحديث, فإن ذلك أعلى درجات الإيمان بالقدر, وهو الرضا بالمصيبة. | |
|